التواصل الاجتماعي

البيوضي يكتب: حزام سياسي … لدولة راعية

بقلم : سليمان البيوضي:

إنها ساعات طويلة من دون كهرباء في جو صيفي قاسي ، ( غضب و بكاء … قلق و فزع و صدمة ) ، إن انقطاع التيار الكهربائي أظهر الوجع و أطلق الألسنة ، فالشعارات الكبيرة سرقت أحلاما صغيرة ، بوضوح يمكنك أن تتلمس حركة غير اعتيادية للسيارات فيها كثير من الغضب و الاندفاع ، الكل يفر ممن حوله و يحاول أن يصنع مزاجه الخاص ، إنها فرصة قاسية لإعادة تقييم المواقف ، بلد الثورة و الثروات بلا كهرباء و لا ماء و لا سيولة ، الثوريون الحقيقيون لا يشعرون بالمأساة و مستمرون في الثورة لأنها ينبوع الثروة ، لقد تحول الثوريون لمجتمع برجوازي لا ينقصه شيء فلديه المطبلين و المزمرين ، أما الغاضبون من الفاقة و التفقير فقد حولهم الخوف لقطيع من العاجزين ، أما البورجوازيون الجدد فمستمرون في افتراس الدولة و نهبها و حولوها لمسخ بلا روح ، حيث يسرقون و يبطشون و الجبناء من حولهم يصفقون ، هذه هي الدولة في مفهوم الصاعدين من أقبية الفقر و الجهل و الواصليين بمزايدات الدم .

الكهرباء و الماء و السيولة ليست خدمات أساسية قطعت – بل هي دورة مكتملة للتاريخ – و ستصنع مجتمعا جديدا يبيع الوهم و لا يشتريه ، مجتمع لم تعد الثورة طفله المدلل و لا اللصوص الثوريون محط احترامه – رغم النفاق الإجتماعي المستمر – و المعلب في كراتين الإلتصاق الإجتماعي العابرة عبر الزمن و التاريخ بعقلية جاهلية غابرة .

سيكون أمام المجتمع فرصة للبحث عن خلاصه ، و أمامنا أيضا فرصة لمعركة جديدة تهدف لإعادة صياغة الوعي ، لقد حان الوقت لأن نخلق حزاما سياسيا حقيقيا قوامه كل أولئكم الذين يتم تفقيرهم بشكل ممنهج ، و بنضال سلمي واسع في كل الربوع و ينطلق من القرى النائية البعيدة و يقوده صوت النخبة الواعي الذي لم يصله العابثون بأموالهم و أفكارهم ، النخبة التي تتحرك في الطرقات بحسرة و استفاقه و تدفع ثمن الوعي بألم و أمل ، و تتعامل مع مجتمع تقليدي تم تخديره بالشعارات و الوهم بحكمه ، إن النخبة التي لن يصلوا إليها ، هي أساس الحزام السياسي لإستعادة الدولة .

الحزام السياسي المطالب و الداعم لقيام الدولة القوية الراعية هو التشكيل الأكثر مرونة و الذي لا أحد سيوقف امتداداته ، و سيؤدي لميلادها ككيان لتنقذ الليبيين من مأساتهم و تعيد لهم ما فقدوه و تنقذهم من مشاريع الإستيلاب و النهب و التفقير و الابتزاز بلقمة العيش ، تلك الدولة التي تتدخل لتشغيل قوى السوق في سبيل حماية أو تعزيز رفاه الأفراد أو الأسر ماديا على أساس الإنصاف و الشفقة والعدالة .. الدولة التي ترعاهم اجتماعيا و اقتصاديا و توفر لهم الحماية الأمنية و القانونية … دولة عابرة للمجالات تنهي العبث و توقف المد الثوري بإرادة المجتمع نفسه ، و الذي سينقذ نفسه قبل كل شيء و سيعيد لمفهوم الدولة روحه و سيرتب كيانها وفقا للقيم الإنسانية السامية و القواعد الديمقراطية الصارمة .

زر الذهاب إلى الأعلى