سلبيات و إيجابيات

“اسم غريب لابني “….ما سبب تزايد ظاهرة اختيار أسماء غريبة و”فريدة” للأبناء ؟

هوس الاسم الفريد

تُظهر اغلب الدراسات أن الانتشار الواسع اليوم لأسماء الأطفال الفريدة والغريبة يعكس الانتقال من الحالة الجمعية إلى المجتمعات القائمة على الحالة الفردية، كما أنه يقدم أدلة سياقية مهمة حول مَن يريد الآباء لأطفالهم أن يكونوا، و  يبدو أن الآباء يُقدّرون بشكل متزايد الأسماء الفريدة لمساعدة الأطفال على التميز، بدلاً من التماشي مع السائد.

حيث تنتشر أسماء الأطفال غير الشائعة في جميع أنحاء العالم، حتى في المجتمعات التقليدية حيث تتسم عملية اختيار أسماء الأطفال بأنها عادة ما تكون مشحونة عاطفية. ويشعر الآباء بالقلق بشأن التأثير طويل المدى لاسم الطفل، كما يشعرون أنهم بحاجة إلى اختيارها بأفضل شكل ممكن لإعداد الطفل لتحقيق النجاح.

وربما يعود السبب في ذلك إلى أن بعض الآباء لديهم شعور بأن إطلاق اسم فريد على الطفل من شأنه أن يميزه عن غيره أو يقوده إلى النجاح، فإن هذا ليس هو الحال دائما .

دراسات

توضح مؤسسة موقع “علم الأسماء” الإلكتروني، ومؤلفة كتاب “سحر أسماء الأطفال”.لورا واتنبرغ،  أنه في القرون السابقة، كان توافق الاسم مع التقاليد السائدة هو الدافع الرئيسي

وتقول: “لقد فعل الآباء ببساطة ما كان يُفعل دائما”، مشيرة إلى أنه في إنجلترا، كان جون وويليام، على سبيل المثال، من أكثر أسماء الأولاد انتشارا خلال الفترة من القرن الثالث عشر إلى الثلاثينيات من القرن العشرين. وتشرح ذلك قائلة: “وفقا للإحصائيات التي جمعها الخبير الاقتصادي دوغلاس غالبي، ففي القرن السابع عشر كانت الأسماء الثلاثة الأولى للفتيان والفتيات تمثل نصف سكان إنجلترا بالكامل”.

تاريخ تسمية الاسماء

يعود السبب في اختيار الاسماء قديما إلى أن اصطلاحات التسمية كانت قائمة على العلاقات الدينية وأسماء الأجداد ويطلقون على أطفالهم أسماء تحمل سمات أخلاقية، مثل الإيمان أو الرحمة.

وبالمثل، كان المسلمون في الدول العربية وجنوب آسيا يمجدون التدين. وتشمل الأسماء الإسلامية التقليدية شخصيات تاريخية بارزة في الإسلام (مثل النبي محمد، وصحابته، وأمهات المؤمنين أو زوجاته – فضلا عن خلفاء الدولة الإسلامية).

وفي كثير من الأحيان، كانت الأسماء تؤكد على التقوى الدينية، مثل أي اسم من أسماء الله الحسنى الـ 99 مسبوقا بكلمة “عبد”. كما كانت تقاليد التسمية العربية السائدة آنذاك لها قواعد راسخة.

تقول واتنبرغ إنه  بسبب الثورة الصناعية  وتزايد عدد السكان المتنقلين إلى أماكن أخرى فقد ضعفت الروابط الثقافية لم تدم كل هذه التقاليد ،مما جعل خيارات الآباء الشباب أقل ارتباطا بأسماء أفراد الأسرة السابقين والعادات المحلية في العالم الغربي.

الانترنت وهوس البحث عن الغرابة والتفرد

ومع زيادة الرغبة في التميز بفضل انتشار الإنترنت في التسعينيات من القرن الماضي، أخذ جيل الألفية خطوة أخرى إلى الأمام. تقول “اعتاد هؤلاء الآباء على نموذج اسم المستخدم – اسمك الفريد الذي تكتبه على وسائل التواصل الاجتماعي. وبذلك أصبحنا نرى الآباء يكتبون الاسم الكامل الذي يفكرون في إطلاقه على أبنائهم في محرك البحث على الإنترنت، ثم يشعرون بنوع من عدم الرضا عندما يعرفون أنه موجود بالفعل ويحمله أشخاص آخرون”.

وتضيف واتينبيرغ : جلبت حقبة التسعينيات أيضا شيئا جديدا وقويا بشكل مدهش، وهو إحصائيات أسماء الأطفال، إذ جعل التصنيف السنوي للأسماء الأكثر شهرة الناس يشعرون بالمنافسة. لكن بدلا من الرغبة في أن يحمل الطفل الاسم الأكثر شيوعا، فإن الجميع يريدون تجنب الأسماء الشهيرة ويبحثون عن الأسماء الغريبة”.

دراسة يابانية

وحتى اليابان، التي كانت مجتمعا جماعيا تقليديا لعدة قرون، تُظهر تحولًا بعيدا عن الأسماء التقليدية. ووفقا لدراسة مقدم من  يوجي أوغيهارا، من معهد الفنون والعلوم بجامعة طوكيو للعلوم أجريت عام 2021 لتحليل 8,000 اسم طفل بين عامي 2004 و2018، فإن معدل الأسماء الفريدة آخذ في الازدياد في اليابان – وهو مؤشر على ارتفاع النزعة الفردية.

وعرف يوجي أوغيهارا،  “الأسماء الفريدة” بأنها الأسماء التي لا تتردد كثيرا (واحد لكل 1000 اسم) بين مجموعة الأطفال. لكن الأسماء الفريدة لا تبدو مختلفة بالضرورة عن الأسماء الأكثر شيوعا، فالتعقيد في الأسماء اليابانية (الناجم عن استخدام أحرف صينية يمكن قراءتها بأشكال متعددة) يعني أنه يمكن تحقيق التميز بطرق مختلفة، نظرا لأن الاسم الواحد يمكن قراءته بأشكال متعددة.

خاتمة

قد لا يكون البحث عن الأسماء الفريدة دائما هو الطريق إلى النجاح الذي يريده الآباء على أي حال ففي نهاية المطاف، فإن الآباء يختارون أسماء أبنائهم بدافع من الحب، متأثرين في ذلك بكل من الأحلام الشخصية والتحول الثقافي للقيم. تقول ريدموند: “يأتي الآباء إلينا للحصول على المساعدة في العثور على اسم يناسبهم، أكثر من اختيار اسم مختلف عن أي شخص آخر”.

زر الذهاب إلى الأعلى